رسالة عاجلة من معاناة السوافيري إلى الضمائر الحية..!!
غزة- ريما عبدالقادر
في بداية الكلمات لا أعرف من أين أبدأ هل أبدأ بنداء استغاثة أو صرخات أوجاعي أو من عطشي الذي لا استطيع أن أرويه بيدي. أنا شاب مثلي مثل الكثير كنت أحلم بأن انتهي من مرحلة الثانوية العامة وأتعلم بالجامعة وأتزوج وأنجب أطفال إلا أن هذه الأحلام سبقتها صواريخ الاحتلال التي بترت قدمي اليمنى وكذلك اليسرى ولم يكتفي صاروخ الاحتلال بذلك فقد مزق ذراعي الأيسر وأصبعين من يدي اليمنى.
كثير ما كنت أرى كوب من الماء صحيح أنه لا يبعد عني إلا مسافة قصيرة ومع ذلك أكتفي بالنظر إليه لأنني لا استطيع إحضاره وأروي به عطشي إلا من خلال أحد من أفراد عائلتي يرويني به.
كنت كثير ما ارسم أحلام جميلة في مخيلتي وأقول لوالدي الذي اكتسى الشيب شعره والمرض جسده "أبي الحبيب سوف أتعلم وأتخرج من الجامعة واعمل لأشتري لك بيت جديد مكان بيتنا القديم الذي لا يصلح للترميم فكثير ما كان يشتكي من قدمه وكادت جدرانه تنفصل عن بعضها البعض خاصة أن المنزل عمره تجاوز السبعين عام إلا أن صواريخ الاحتلال قتلته كما قتلت أحلامي الصغيرة فأصبحت لا أقوى على الحراك حتى أنني لا استطيع الذهاب إلى الحمام فمجرد التفكير بالذهاب له تبدأ معي قصة جديدة من المعاناة لصغر حجمه وقدمه والأصعب من ذلك انه لا يناسب قدماي المبتورتان".
والدي الحبيب أعلم أن وضعك المادي صعب جدا خاصة انك لا تعلم ومع ذلك تحاول أن توفر لي ما احتاج رغم أنك لا تملك إلا القليل جدا من المال فكثير ما تمنع عنك أشياء ضرورية من أجل أن توفر لي دواء وإن كان ثمنه غالي. والدي العزيز أعلم أنك تعتصر ألم كلما نظرت إلي ومع ذلك تخفي دموعك بشيء من الابتسامة حتى لا تزيد أحزاني وهمومي وترسم بابتسامتك المجروحة حلم جميل لي.
أعلم يا والدي أنك كثير ما تمنيت أن تراني يوم من الأيام عريس وتزفني إلى عروستي ورغم ما أنا فيه إلا أنك لازلت تقول لي سأزوجك يا أحمد وتكون عريس كما تمنيت.
أعلم يا أمي الحبيبة أن هذا حلمك أيضا أعلم أن قلبك يتفطر حزناً خاصة حينما تجديني لا أقوى على الحراك ولا حتى امسح عرق جبيني حينما تقطع الكهرباء لكن ماذا أفعل ليس باليد حيلة.
في هذا الوقت لا أعلم بماذا أكمل حروف الكلمات خاصة أن الكهرباء قد انقطعت وجسدي لم يعد يحتمل حرارة الغرفة الصغيرة في مساحتها وقديمه في أركانها.
غرفة أحمد
أخوتي الأحباء سامحوني أعلم أن كل واحد منكم لديه عائلة وعليه الكثير من المصروفات ومع ذلك أعطلكم عن أعملكم من أجل أن تحملوني لأذهب إلى الحمام أو حتى أخرج من البيت خاصة في وقت انقطاع الكهرباء كما أنني أعلم أنكم رغم صعوبة أوضاعكم المادية إلا أنكم تحاولون توفير لي ما أحتاج.
آه يا أمي ..آه يا أبي كم شعرت بفرحتكما حينما علمتما بإمكانية تركيب أطراف صناعية لي إلا أن سعادتكما تحولت إلى بكاء مرير حينما علمتما أن التكلفة تزيد عن 15 ألف دولار وانه بالنسبة لكما سعر يفوق خيالكما. والآن رغم ألمي إلا أنني لازلت أرغب بالكتابة لا لأستمر بكتابة معاناة جسدي أو حتى بساطة عيش عائلتي إنما لأخاطب ضمائركم رجاء منك لا تقل لا يعنيني لأني في بداية الأمر كتبت إلى أصحاب الضمائر الحية فهل أنت منهم ؟؟فهل أنت تحمل هذا الضمير الحي الذي لم يمت؟؟.
قد أكون اطلت عليكم الكلمات لكن ألمي أكبر بكثير من الحروف التي عجزت عن وصف ألمي وعن دموعي والدتي ووالدي . اطلب من كل واحد منكم أن يتخيل ولو لوقت قصير أن أحمد الذي لا يقوى على الحراك هو ابنه ماذا سيفعل ؟هل سيتركه ويقول لا يعنيني ؟؟ استحلفكم بالله العظيم أن لا تحرموني من حلم بسيط هو أن أسير على قدمي وإن كانت أطراف صناعية من البلاستك رجاء منكم أن لا تبكوا لأن قلبي تمزق من دموع والدي علي رغم أنهما يخفيان هذه الدموع ..
قد لا يستطيع من ضميره حي أن يساعدني بأي شيء لكنه قد يملك دعاء لي صادق فلا يبخل علي فيه؟؟؟ دعاء يرحمني فيه من عناء دخول الحمام وعناء صعود ونزول درجات المنزل التي تزيد عن خمسين درجة .
مدخل بيت أحمد
كنت أرغب بكتابة المزيد من الكلمات إلا أن ألمي زاد علي في جسدي وكما أخبرتكم في السطور السابقة أن الكهرباء قد قطعت وحرارة الغرفة قد ارتفعت ولا أطيق الجلوس فيها في حرارة مرتفعة خاصة أن جسدي فيه حروق تشتد علي مع الحرارة.
مع تحيات من دافع عن كرامة الأمة بأجزاء من جسده فلا تبخلوا علي بأطراف اصطناعية لأذهب للجامعة
أحمد أسعد السوافيري
19 عام
منطقة شعبية في حي الزيتون في بيت قديم تجاوز عمره السبعين